الثلاثاء، 25 يناير 2011

~ جنة في بيتنا ~

جنة في بيتنا

سعدت قبل فترة بقراءة قصة قصيرة كتبتها صديقتي العزيزة هبة علي.. وعنونتها بـ "جنة البيت"

أحببت فيها الصورة الرائعة للأم، التي تعرف تماما معنى أن تكون هي أساس البيت الذي اختار الله لها أن تكون فيه..
غير أني حين أحكي عن "أمــي".. فإني لا أحكي قصة لأم مثالية.. بل إني أحكي أمّ بأمّة.. أم تعيش في هذا الزمان .. وفي مكان ما على هذه الأرض .. وهي سيّدة بيت في مدينة ما ... والأجمل.. أن هذا الييت هو نفس البيت الذي أقيم فيه.. وأن هذه السيّدة الفاضلة.. هي أمي!! إنها جنة بيتنا!!
أمي التي هُجرت مع عائلتها وهي في ربيعها الثاني.. وحينها، حملت جدّتي علبة الحليب.. ظنتها أمي من شدة الرعب!! وفي منتصف الطريق أدركت أن ما تحمله هي علبة الحليب.. وليست ابنتها!!
سامحكِ الله يا جدتي.. كنتِ ستحرمينني أمي :)!!
أمي التي نشأت في عائلة محافظة بسيطة، لم يحثّها والديها صراحة على صيام أو صلاة، أو حب القراءة والعلم، غير أن الله اختار أن ينوّر لها درب الحق.. فبصرته وهي مازالت في سن المدرسة..
أمي التي تزوجت وعمرها 19 عاما.. – أي في مثل عمري اليوم-  وتغربت عن أهلها.. لبلد لا يمكن لامرأة فيه أن تخرج بمفردها.. لبيئة جديدة.. عالم جديد.. وزوج مازال طالبا.. وتحمّلت كل النتائج المترتبة على هذه الحقيقة!!

أمي التي اصطحبت كتبها الدراسية – لدراسة الشامل- لغرفة الولادة!!
حتى أن الممرضة قالت لها: وين أختي تيجي تشوفك.. بدك تولدي وعمتدرسي.. وهيي بالبيت وقاعدة ومو فاتحة الكتاب؟؟!!
أمي التي قضت سنة من السنوات.. معلمة صباحا.. وطالبة جامعية بعد الظهر.. وحاملا بابنتها السادسة في نفس الوقت... وعمرها قد شارف الأربعين..!!
أمي التي تبسطت لصديقاتي كما لم تفعل أم.. - أو على الأقل.. لم أعرف أمّا فعلت ذلك- !! وأحّبت ما أحب.. فقط لتشاركني التفكير.. فنجد نقطة نلتقي عندها.. نتفق على الأساسات.. أتعلم ألف درس ودرس من أخطائي.. وقالت في رسالة كتبتها لي، دشّنت بها دخولها عالم الفيس بوك: يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "سورة النساء،86"فرد تحيتي لك بنيتي الغالية هو فتح صفحة "facebook"رغم أنك تعرفي أن لي في هذه القضية رأياً فكريا - حسب اجتهادي،  لكني قبلت أن انساق وراء عاطفتي إكراماً لك؛ فاخترت أن يكون ردّ تحيتي لك المشاركة معك في أفضل ما تحبين
أمي التي إن رأيت العطاء تجسد في صورة إنسان في زمننا هذا لكن صورتها.. فلو سألني أحدهم ما العطاء في رأيكِ.؟؟ لكان ردي خاطفا.. إنه أمي!!
 أمي التي تحمل همي.. وهم أخواتي.. وهم الصغير يحيى.. وهمي أبي.. وهم صديقاتها وعائلاتهم وهم كل من حولها.. ولا يغيب عن خاطرها هم أمتها!!
أمي التي علمتني أن أحب العلم.. وأن أقدر المعلم
أمي التي شجعتني أن أحفظ القرآن.. وأن أخط البيان.. وأن أقرأ لأبني أساس متين للبنيان!! لبنيان ذاتي.. التي هي لبنة في بنيان أمتي!
أمي التي كلما هممت أن أتعب.. نظرت في وجهها فاستحييت..!! وكلما هممت أن أنشغل عن حفظ القرآن.. رأيتها تسهر الليل وتحيي الفجر تحفظ القرآن..!! وكلما هممت أن قصر في القراءة.. وجدت مكتبة عظيمة أسستها هي ووالدي تذكرني: أن القراءة هي زادكِ!! وكلما تراجعت في دراستي.. رأيتهاغارقة في بحر كتبها، بين ماجستير في لبنان.. ودبلوم في البحرين..!!
أمي.. لم تجد أما تعلمها كل هذا.. ولم تجد أما تنبهها لأهمية هذا.. وتحذرها من خطورة ذاك
غير أنها استطاعت بفضل الله أن تكون ما هي عليه.. أن تكون "إنعاما " من الله على كل من دخلت حياتهم
 لا تسعني المجلدات لأخط ما أراه في روحها..
غير أني أريد للعالم أن يعرف.. أن في هذا العالم أم كأنتِ يا أمي.. وأنكِ لستِ قصة أو رواية.. بل إنك حقيقة يخفق بلقياها قلبي صبح مساء..

اعذريني أمي.. فالكلمات كلّها.. لا تتسع لما أراه فيكِ.. غير أنّ هذا بعضه.. وما احتواه القلب أضعافا ..
2:32صباحا
7-1-2011

هناك تعليقان (2):

هبة العواملة يقول...

الله ~ ما أروعها من أم ..

حفظها الله ودامت ذخراً للأمّة ..

أمك جنة البيت ~ :)

دانة ياسين يقول...

نعم..إنها جنة و نِعمَ الجنة

و صدق من قال:

الام مدرسة إذا اعددتها
أعددت شعباً طيب الاعراقي