الأحد، 6 نوفمبر 2011

عيدٌ وأحلام عودة.. بنكهة الثورة! -2-

عيد.. وأحلام عودة..! بنكهة الربيع العربي 


اليوم.. كَبُر الفلسطيني المعذب، وكبرت معه أحلام العاشق المشتاق التي مافتئت تغادره ساعة شروق أو غروب
مازال يحلم بالرجوع!! ... مازال ينسج حلم العيد في وطنه
وفي كل ليلة عيد يشرع بتزيين مكان إقامته..
لكن... لذاك الفلسطيني الولهان فلسفة أخرى للتزيين
زينة العيد عنده.. ليست تلك الاوراق الملونة التي تفترش الحيطان..
ولا تلك الأضواء البراق المنتشرة في كل مكان
....
الواجهة الأمامية للغرفة تحمل صورة عظيمة للأقصى!!
تظن لوهلة أنك تطأ بلاط ساحاته المقدسة وتسمع أذان الأقصى الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من تركيبة جسده
فيحركك سكون الصورة .. لتدرك أنك ما زلت حيث أنت..!!
في تلك الغرفة الغارقة في الأحلام
كان حلمه أن يصلي العيد اليوم هناك..!
وفي كل صبيحة عيد... يرجو نفسه جزءا من تلك الصورة على الجدار..
ولو لمرة!!.. أو حتى نصف مرة..!!

لفتني من شرودي ملصق كبير كتب عليه: "عمّر بيتك في القدس!"..
عاجلته: كييييف؟؟!!!
فرد بثقة: هو مشروع لبناء البيوت المقدسية التي يدمرها آلة الاستيطان  الصهيونية.. والهدف من هذا هو الحفاظ على الطبيعة الإسلامية للمدينة المقدسة..
سألته: ومن القائم على هذ المشروع؟؟
فاسترسل: يقوم على هذا المشروع ثلة من الشباب المقدسي.. تعرفت عليهم عن طريق شبكات التواص الإجتماعي.. ونعمل حاليا على نشر فكرة المشروع وتطويرها وكذلك نسعى لإيجاد ممولين من مختلف دول العالم الأديان ممن ينتصرون للحق..
أبهرني هذا الفتى.. فشردت.. بطرفي دمعة وعلى ثغري ابتسامة فخر!
..

أيقذني من غرقي التقاء الأزرقين في الواجهة المقابلة..أزرق السماء وازرق البحر
تظنه لولهه بالبحر اختار تلك الصورة..
فتدرك مُراده بقراءتك لما خط قلمه.."مخطط المشروع السياحي الأول على شط يافا بعد التحرير"!!
وبالجوار كومة ورق لمخططات تفصيلية للمشروع!
فشردت مرة أخرى.. تجمدت دمعتي... واتسعت ابتسامتي!

....
انتقلنا للغرفة المجاورة.. غرفة مكتبه.. وإذا بجدارية ضخمة مزدانة بالزهور.. لا تبدو مميزة.. غير أن اجتماع البنفسج والأبيض يغلب عليها... وليس كمثلهما لونين إذا ما اجتمعا..
وقبل أن أنبس ببنت شفة..
عاجلني:" هذه صورة تبين مساحة من مشروع "زهور العزة في أرض غزة".. يديره مجموعة من أصدقائي الشباب في غزة.. وأقوم بتنظيم تمويله مع مجموعة من الشباب من هنا... أحلم أن أعرج ذات عيد هناك.. لأبتاع باقة من البنفسج والجوري الأبيض...!
مممم ولكن...!
لم يسمح لي بمقاطعته... واسترسل
بالطبع لن أبتاع الباقة لنفسي... فهي هدية لأخ لي في خليل الرحمن .. لا بد أن أزوره.. ولوبعد حـــيــن!! لا تقلقي.. لن يذبل الجوري... فلن يكون هناك "محسوم" .. ولا جدار عازل يمنعني من المرور!...
هنا.. انهمرت دموع الشوق واختلطت بابتسامة فخر عريضة.. غادرت الغرفة بسرعة.. لأغرق في دوامة دموع هيجها بحر أحلام ذاك العاشق.. فيسعفني قارب اليقين الذي كنت ألمحه في كلماته..!
أما هوْ...فتركته ثاويا في بُستان أحلامه..
كان يصور أن هذه الأحلام حديقة يسكنها لبعض حين.. حتى تصبح حقيقة ذات يوم..
مضـــى زمن... وهو ينتظر عونا... أو حتى إذنا من أصحاب القرار..!
حتى غدت حديقة الأحلام تلك صحراء قاحلة...
فلم يملك أحد منهم أن يغرس فيها ولو بذرة.. أو حتى أن يرووا بوادر أحلامه  بقطرة حريّة!...

كبُر الفتى العاشق.. وقرر أنه لن ينتظرهم.. قد ولّى زمان الوهن.. ومضى مع إخوانه – من كل بلاد الإسلام.. جيلٌ واع.. فهم واقع المرحلة.. أخلص روحه لله وهتف: حيّ على العمل، لنحقق الأمل! عزموا على ضبط أنفسهم بـمجاهدتها، والتضحية بها فداء للوطن! طاعتهم لله "الحق" وحده.. لينير لهم الدرب ويبدد ظلمته..!تعاهدوا على الثبات والتجرّد.. وجعلوا ميثاق الأخوة خير رباط بينهم.. والثقة بالله خير زاد لقلوبهم!

إن الوطن لا يريد شبابا يبكي على الأطلال.. ولا يريد أحلاما متجردة من الأفعال.. سنبني أوطاننا وإن كنّا مُغيّبين قصرا عن ثراها.. سنرويها جميعا.. كلٌّ من المعين الذي يستسيغه... فالأوطان عشطى لأن ترتوي من أيدي شبابها .. كي تحلو أعيادها!

عيدٌ وأحلام عودة.. بنكهة الثورة! -1-



عيد.. وأحلام عودة..! بنكهةالربيع العربي
 


عيدٌ جديد.. وهو الشهيد
على أكثر من ستين شتاءٍ من التشريد..
عيدٌ جديد.. اختار أن يشهد على ذاك الفلسطيني المعذب
مسكين هو..! يحاول –عبثا- أن يتناسى واقع تشرُّده المرير 
أن يتسم في وجوه من حوله –ولو كاذبا- .. فقد سمعهم يتهامسون: اليوم العيد!!
لكنه يتيم...!! وأنّى ليتيم "الوطن" أن يفرح!
وطنه... والده الكبيــــر الذي لم يعرفه
حتى أنه لا يملك ما يثبت أنه امتداد لنسل "فلسطين"
فقد صودرت شهادة ميلاده!
غير أن دليله الوحيد هو ذاك الصوت الذي يهتف في أعماقه: " أنا فلسطــينــيَ" 
 كان زميله الذي من سوريا.. يقول أنه سوريّ 
وجاره من الأردن.. يفتخر أنه أردنيّ .. 
وابن عمّته من أب مصريّ.. مقيم في "وطنه" مصر!
فاستنتج – بعفوية- أن السر في "ياء النسب"...
 إذا هو فلسطينيّ!!....
هتف بعفوية: أنا فلسطينيّ.. يعني وطني فلسطين!
نعم.. "ياء النسب" هي الشاهد الوحيد على "فلسطينيته" 
....
أتساءل!!هل كنتَ تنقم عليهم – أيها المسكين - لأنهم لهم وطن!!!
ولأن كلّ منهم يحق له أن يقضي عيده بين أحبته..
ولأن عيديّتهم بطبيعة الحال كانت تفوق عيديّتك!! فعندهم العم والخال والجد والجيران!
لكن قدرك – يا صديقي-  ولا اعتراض على حكم القدير...
أن تكون من وطن يشكو خطو "الأنجاس" على ترابه.. ! وطن غريب على من يعيشون عليه "غصبا".. ومن ذُريّة غريبة عن "شبه المكان" الذي تعيش فيه!
وطنك الذي عرفته أول ما عرفته من حكايا جدك عن بطولاته يوم واجه الاحتلال –ذات يوم-!!
يحكي لك شتات المواقف بفخر! ويكرر كثيرا منها... فهذه عادة الكبــار!!
كان يردد بين حكاية وأخرى: كنت بالجيش يا سيدي.. أنا كنت مجاهد!
آآخ يا سيدي.. نياله أبو محمد... استشهد الله يرحمه! وأنا "كاعد" هان.. بخرف خريفيّات للصغار!
قد كان أميّا.. كلنّه لم يكن بحاجة لمدرسة تعلّمه قدر المجاهد.. وعلوّ شأن المقاوم..!!
لا بد أنه لم يكن يوصف يومها - يا صديقي- إرهابيّا!!!
...
وطنك - أيّها الحبيب- أحلام لطالما أيقظتك ليلا وقضّت مضجعك
فلسطينُك... هي الوقود الذي يشحذك كل صباح لتنجز.. لتعمل.. لتدرس.. لتتميز حيث حللت.... فأسمعهم يقولون دوما: فلسطينيّ.. الأول ع صفّه!
فلسطينك.. هي حبيبتك البعيدة التي تبكيها بقلبك.. وتختزن دموعك .. لتخط بها قصائد الأشواق العطشى.. تلك التي لن ترتوي إلا بماء الوطن!
وطنك.. -أيّها الحرّ- !! تراه في نشيد موطني...
وترى حلمك في هذه كلما أنشدتها... "هل أراك.. سالما منعما وغانما مكرما..."
يتحشرج صوتك... ويضل صداه الطريق..
فلا يأتيك الجواب.. لا من قريب ولا من بعيد
أتعلم.. أنشدها كثيــــرون قبلك..!!!
لكنهم .. منذ ستين عاماً وأكثر.. ينتظرون الصدى علّه يرجع لهم الجواب!!
ولكنّك.. لم تنتظر.. أعلنتها ثورة!!..
............